صفات القائد في القرآن
إن الصفات الأساسية للقيادة الإسلامية، هي صفات ذات درجات مختلفة متفاوتة. مثلا صفة العلم، فقد يكون علم عادي، وقد يكون علم اليقين، وقد يتحول علم اليقين إلى حق اليقين، وقد يسمو حق اليقين فيصبح عين اليقين. فالعلم هو العلم، ولكن استيعاب الإنسان للعلم ورؤيته للحياة عبر هذا العلم، يختلفان من انسان لآخر، وهكذا تختلف وتتدرج سائر الصفات.
ويشترط الإسلام في أولئك الذين يريدون أن يصبحوا أئمة الناس أن يكون لديهم أعلى درجات الصفات الأساسية للقيادة العامة وفي مقدمتها التقوى.
فالتقوى التي يجب أن يتزود ويتسلح بها الامام القائد هي التقوى التي تصل إلى درجة الصبر والاستقامة أمام عواصف الشهوات ونزول المصائب واشتداد المكاره، فلا تتأثر إرادته الصلبة بالضغوط المختلفة وإن عظمت وتصاعدت. لذلك تجد القرآن الحكيم يقول:
(وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِاَيَاتِنَا يُوقِنُونَ) السِّجدَةِ،24
من هنا فإن الإسلام لا يرضى بأن يقودك إنسان عالم تقي أيّاً كانت درجة علمه وتقواه. بل يجب أن تبحث عمّن يكون في درجات رفيعة من العلم والتقوى فتتخذه إماما لك، لأن الله سبحانه قد جعل هذا الإنسان إمامك، لأنه كلما زادت وتكثفت قيمتا العلم والتقوى في شخص، كلما كانت قيادته أقوى وأرسخ وأفضل عند الله سبحانه وتعالى، ولانه الاضمن والأقرب إلى الحفاظ على الدين والدنيا. لذلك تجد القرآن الحكيم حينما يذكّرنا بشروط القيادة الإسلامية، يبين لنا ذلك عبر كلمتي "الربانيون" و"الأحبار". فالربانيون هم العلماء الممحّضون في الله، الأتقياء أولا والعلماء ثانيا، ولذلك فإنهم القادة الحقيقيون للمجتمع. ولكن في حالة افتقادنا للربانيين، آنئذ تأتي مرحلة الأحبار، وهم العلماء أولا والأتقياء ثانيا، يقول تعالى:
(إِنَّآ أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللّهِ) المائدة،44